02‏/07‏/2013

أغنياء إمسـوان : النخلة التي تظل البعيد

أغنياء إمسـوان : النخلة التي تظل البعيد.



معروف عن النخلة أنها رمز الشموخ والكرم والصبر و الكبرياء.. و رمز التحدي و الجمال و غير ذلك من الصفات الجميلة التي حبى الله بها هذا المخلوق كغيره من مخلوقات الله في أرضه.. إلا أن الناس و كعادة الناس، أبوا إلا أن يجدوا لهذه الشجرة العظيمة نقصا في كمالها و عيبا في خلقها و سيئة في بحر حسناتها، فقالوا : ما لها لا تظل إلا البعيد ؟؟ فصاروا يضربون بها مثلا لكل من جعل، أو جعل الله في ماله أو علمه نصيبا ، قليلا او كثيرا ، لغير ذوي القربى و" البعدى" من أهل منطقته، المحتاجين منهم و غير المحتاجين..
و حتى لا نذهب بعيدا عن المراد، و نسهب في جرد أوصاف نخلة لا دخل لها في أحوال العباد، و لا حول و لا قوة لها في تقرير مصير البلاد، ندخل صلب الموضوع و نقول أن المقصود هم أغنياء منطقتنا إمسوان، إذ لنا عليهم بعض اللوم و قليل من العتاب...
و لا نحتاج أن نذكر أحدا أن الله، و رسوله، قد أوصى الميسورين من عباده خيرا بالفقراء منهم، فجعل الزكاة نصيبا يؤخذ من أموالهم و ثرواتهم و يعطى للمعوزين منهم، كما حث على بذل الصدقة و التكافل و الإنفاق ابتغاء مرضاته، بعيدا عن الرياء و حب الظهور و الاستعباد، ووعد المنفقين و المتصدقين بالجزاء الأوفى و بالأضعاف المضاعفة، مما ورد ذكره في كتاب الله و سنة رسوله.. لا احتاج أن أذكر بهذا و بغيره مما هو أولى أن يعتبر به الناس، لأنني قبل كل شيء لست واعظا، و لأن الناس دأبوا على سماع مثل هذا الخطاب منذ نعومة اظافرهم، فإن لم تجد فيهم السنين و الأعوام، و ينفع معهم كلام العلماء و العوام، فما عسى تبدل فيهم كلماتي الفقيرة و المبعثرة...
إن إمسوان منطقة غنية ببحرها قبل برها، وبصيدها دون فلاحتـها، فكان أن نبغ اهلها في علوم المحيطات و برعوا في استخراج خيراته، فكون بعضهم من ذلك ثروات لا يستهان بها، و نحن هنا لا نحاسب أحدا على جاه ملكه بعرق الجبين، و أموال حصلها بالكد و الجهد طوال الشهور و السنين. و لكن برفق نقول لهم: إن لإمسوان عليكم حقا..و لقرية كل منكم عليه حقا.. فكم أديتم من هذا الحق و أين هو؟؟
سيصبح بعض اللوم على أغنياء إمسوان كلا، و قليل العتاب عليهم كثيرا إذا علمنا أن أمثالهم في مناطق أخرى صنعوا المعجزات، و نفعوا قراهم و أهاليها.. و بدل أن يوزعوا بعض السكر و الدقيق و الدريهمات في الأعياد و المناسبات، و بدل أن يستغلوا نفوذهم في التأثير على نتائج الانتخابات، و الضغط على رؤساء الجماعات. قاموا ببناء المدارس و المستوصفات، و عبدوا الطرق و ساندوا الجمعيات و اسسوا التعاونيات.. فحصل بهم النفع و النصرة و كانوا نعم المعينين في الشدائد و الكربات.. و ليقم من يسال عن امثال هؤلاء الأشخاص بزيارة بعض قرى إداوتنان و اشتوكة أيت بها و تافراوت وتزنيت و أمسكرود.. ليكتشف أن أناسا بثروات أقل من ثروات أغنياء منطقتنا، مولوا مشاريع تنموية ضخمة و أنجزوا ما عجزت عنه الدولة نفسها، لا لشيء إلا لأن غيرتهم أشد و إرادتهم أكبر و حبهم لذويهم أعظم..
و خلا صة القول يا إخوتي؛ و حتى لا أطيل عليكم؛ فإن ميسوري إمسوان بإمكانهم أن يقدموا الكثير لهذه المنطقة ، بدل أن ينتفع بهم غيرها في الحق و في الباطل.. يكفي فقط أن يتحلوا بقليل من الإرادة و حب فعل الخير و الغيرة على القرية أو البلدة أو مسقط الرأس لمن قدر له أن يعيش بعيدا..
وواجبكم يا شبابنا ، من هذه الناحية، أن تذكروا من هو اهل للذكرى، و تنادوا من قد تكون له أذن صاغية، فمن يدري لعله يظهر من بين اغنيائنا من عقله كبير و قلبه رحيم فيكون قدوة للبقية و يساهم إلى جانب مبادراتكم و بشراكة مع كل المعنيين في إنجاز شيء ما في مكان ما من إمســوان الغالية..


الحســـين أكنــــاو

إرسال تعليق

 
Copyright © 2014 خطوات